" رأس الحكمة ؛ مخافة الله "

اهلا بكم بالحكمه .... الحكمه تأديب للمعرفه و معنى العدل والحق والاستقامه وتعطي الجاهل ذكاء وتعطي العالم تواضع وتعطي التقي رفعه وسمو ولا يسمع الحكمه عالم الا ازداد علما والزاهد ازداد زهد وهي رسالة الاباء للابناء

من مواضيع الحكمه

من هو المسيح الدجال؟ وما خطره؟


لقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من شر المسيح الدجال، كما أن جميع الأنبياء عليهم السلام حذروا أممهم من شره، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ بالله من فتنته في كل صلاة نصليها، فريضة كانت أو نافلة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وشر المسيح الدجال» [رواه مسلم].

هذا الشر العظيم يقول عنه صلى الله عليه وسلم: « بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلا فقراً مُنسياً، أو غِنىً مُطغياً، أو مَرضاً مُفسداً، أو هرماً مُفنّداً أو موتاً مُجهزاً، أو الدَّجال فَشَرُّ غائبٍ يُنتظر، أو السَّاعةَ فالسَّاعَةُ أدهى وأمرّ» [رواه الترمذي]

شَرُّ غائب ينتظر، هو موجود ولكنه غائب الآن، ولا يقال غائب إلا لشيءٍ موجودٍ أصلاً.

عن النّواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجَّال ذات غداةِ، فخفَّض فيه ورَفَع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رُحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: « ما شانكُم؟ » قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدجال الغَداة فخفَّضت فيه ورَفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال: «غير الدجال أخوفُني عليكم: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم؛ وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. إنه شابٌ قطط، عينه طافية، كأني أشبِّهه بعبد العُزى بن قَطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف: إنه خارجٌ خَلة بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً! يا عباد الله، فاثبتوا». قلنا: يا رسول الله، وما لُبثه في الأرض؟ قال: « أربعون يوماً: يَوم كسنةٍ، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم». قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنةٍ، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لا، اقدروا له قدره». قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: ­« كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم! ويمر بالخَربة، فيقول لها أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل! ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض،ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله تعالى المسيح بن مريم عليه السلام، فينزل عند المنارة البيضاء شرقيَّ دمشق بين مَهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفَسهِ إلا مات، ونفَسُه ينتهي إلى حيث ينتهي طَرفه، فيطلبه حتى يُدركه بباب لُدَّ فيقتله، ثم يأتي عيسى عليه السلام قوماً قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة..» الحديث [رواه مسلم].

هذا الشر، هل هو أربعون يوماً؟ عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدجال» [رواه ابن ماجه]. هذه الأربعون يوماً سيكون فيها لأمة محمد صلى الله عليه وسلم شرف التصدي لهذا الوحش الدجال وجهاً لوجه، لأنه يخرج على الناس من غضب يغضبه

وعنه صلى الله عليه وسلم: «أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه» [رواه مسلم].

إذن فهو موجود في (مكان ما)! وسيخرج على الناس من غضب يغضبه، فقبل أن يغضب ويخرج، يا هل ترى ماذا كان يفعل؟ هل كان يُصلح في الأرض؟ هل صاحب هذه النفس الخبيثة يُتوقعُ منه الخير؟ لا والله، إنه مُفسد وسيخرج على الناس لمدة أربعين يوماً، ليزداد في هذا الإفساد، فَيزعمُ أنه الله.

وعنه صلى الله عليه وسلم: «وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة الدجال» [رواه البزار].

لقد مارس الدجال وشريكه إبليس منذ القدم الفساد وإغواء الناس وإضلالهم، ولكن قَدرُ الله عز وجل أن يخرج الآن، لأن الدنيا قد آذنت بالرحيل والفناء، وكما تفعل الشياطين بالإنسان إذا جاءه الموت، يحاول الشيطان أن يميته كافراً فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت.

هذه الآية تنطق على المسيح الدجال

أما الدجال فإنه يتوق لذلك اليوم الذي يزعم فيه أنه الله، ويرى أولاد آدم يدعونه ويسألونه، ليس لشيء: فقط لأن الله قد أعطاه آيات، نعم فالله سبحانه وتعالى هو الذي سخر له أسراراً من هذا الكون؛ هذا الكون المملوء بالأسرار والأنظمة الدقيقة. وهذا الرجل هو الذي ذكره الله عز وجل فقال: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ# وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:175-176]، وقد ساق المفسرون رحمهم الله أقوالاً في هذا الذي آتاه الله آياته، فقالوا: هو بلعام بن باعوراء، وكان في زمن موسى عليه السلام، وكان مستجاب الدعاء، وأن قومه طلبوا منه أن يدعو على موسى عليه السلام وأن يدعو على بني إسرائيل، وهذا لا يتفق مع الواقع، إذ أن الرسول موسى عليه السلام، وقومه بنو إسرائيل هم المؤمنون، والكنعانيون لم يكونوا كذلك، فكيف يكون بلعام هذا مستجاب الدعاء، وأنه دعا على موسى عليه السلام، فكان هذا هو انسلاخه من الآيات التي آتاه الله إياها، وحتى لو كان ذلك صحيحاً، فإن آيات الله عز وجل ليست دعاء

وقالوا أيضاً رحمهم الله: هو أمية بن أبي الصلت، وكان في الجاهلية يقول الشعر ويمدح الدين الحنيف، ولما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤمن، ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم.

وهذا كذلك لا يستقيم، إذ كيف تكون آيات الله شعراً، آيات الله ليست دعاء بلعام بن باعوراء، ولا شعر أمية بن أبي الصلت، آيات الله في الآفاق وفي أنفسكم، آيات الله الليل والنهار، آيات الله الشمس والقمر، آيات الله الريح، آيات الله السحاب، آيات الله خلق الأزواج، آيات الله النجوم، آيات الله الفلك، آيات الله اختلاف ألوانكم والسنتكم، آيات الله أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت ورَبت، آيات الله أسرار لا يعلمها إلا الله ولا يحصيها إلا الله، وقد أعطى الله عز وجل بعض هذه الأسرار والآيات للدجال، فانسلخ منها وأخلد إلى الأرض واتَّبع هواه، ولو أنه كان عبداً طائعاً لله لرفعه الله بهذه الآيات كما رفع إدريس عليه السلام، وكان عنده علم الفلك، وكما رفع سليمان عليه السلام، وقد سخر الله له الجن والريح وآتاه مُلكاً عظيماً، فقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ، وكما آتى الله عز وجل عيسى عليه السلام الآيات والبينات، فكان عليه السلام يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وكان يُحيي الموتى بإذن الله، ولكنه قال: إني عبد الله.

أما الدجال، فأخلد إلى الأرض واتبع هواه، عندما رأى نفسه يمتلك هذه القدرات وهذه العلوم تكبر، وهذا دائماً حال العبيد الآبقين، فإبليس قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، وقارون قال: إنما أوتيته على علم عندي، والدجال يزعم أنه الله وذلك بسبب تسخير بعض النواميس له، وهذه فتنة، حتى يعلم الله عز وجل وهو بكل شيء عليم من هم الذين يرضون بأي إله، ومن هم الذين يعبدون الله الواحد الأحد الذي في السماء، من هم الذين يرضون بإله كذاب أعور يمشي في الأسواق، يؤمنون به مقابل رغيف خبز، ومن هم الذين لو ذاقوا ألوان العذاب يقولون:
أحدٌ أحد.

الله يُطعم لأنه الخالق

إن الله عز وجل يطعم المؤمن والكافر على حد سواء، بل هو سبحانه يطعم جميع المخلوقات على الأرض لأنه أوجدهم من العدم، فنعمة الإيجاد كان لا بد لها من نعمة الإمداد: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة:126].

وفي الحديث القدسي فيما يرويه صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: « قال الله تعالى: إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري » [رواه الحاكم والبيهقي والحكيم الترمذي].

العبادة: هي الطاعة، والعبودية أن يدخل الإنسان إلى هذه الحياة الدنيا، كما يدخل التلميذ إلى قاعة الامتحان ثم يخرج، فإما أن ينجح وإما أن يخيب، وفي هذه القاعة، يجتهد التلميذ أشد الاجتهاد لتحصيل النجاح، حتى إنه لا يُحضر معه إلى القاعة أياً من أدوات الرفاهية التي في بيته، لأن مكان الرفاهية في البيت وليس في قاعة الامتحان، وكذلك نحن في قاعة الامتحان الكبرى ألا وهي الدنيا، تكون الرفاهية في الدار الآخرة في الجنة:{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ# هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ# لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ# سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ}[يس:55-58].

يقول صلى الله عليه وسلم: « ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجلف الخبز والماء» [رواه الترمذي].

هذا هو الحق مقابل العبادة، ولكن لننظر إلى الإكرام الذي هو بعد الحق، كم وكم أنعم الله عز وجل على الخلق بنعم لا تحصى من الأطعمة والأشربة والمساكن والمراكب والملابس لستر العورة، العورة التي يجتهد الدجال وشريكه إبليس كي لا تُستر، وأصبحت ثقافة الدجال هي التي تحكم العالم؛ ثقافة العري والعهر، إلا من رحم الله.

الله يُطعم لأنه الخالق، وأما الدجال فلا يُطعم إلا من آمن به وصدقه، من كان يعيش ليأكل فلا عبادة عنده ولا رجاء للدار الآخرة، ليس له إلا هذه الحياة الدنيا الحقيرة في مدتها وفي جميع أحوالها، فتعساً له لأنه عبدٌ لدنياه، عبدٌ للدجال.

يقول صلى الله عليه وسلم: « لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء» [رواه الترمذي].

إنهم يكفرون بالله، ولكن الله يطعمهم، إنهم يرون أن الدنيا هي جنتهم، وأن الطعام والشراب والشهوات بأنواعها مقصد حياتهم، فربما يقول قائل منهم: إن البقرة هي ربي؛ لأنها تعطيني وتنعم عليَّ، هذه النوعية ومن شاكلها ممن يقولون لا إله والحياة مادة، ولا يؤمنون إلا بما هو محسوس وملموس، ومن يقبلون أن يكون الإله آدمي يأكل ويشرب ويتبول، سيكونون سعداء عند رؤية هذا الذي يزعم أنه الله، حتى ولو كان أعور ما دام يمنحهم الطعام والشراب في زمن يكون الجوع فيه سيد الموقف.

فعن أسماء رضي الله عنها قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: « إن قبل خروجه عاماً تمسك السماء ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها، والعام التالي تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي نباتها، والعام الثالث تمسك السماء قطرها والأرض نباتها حتى لا يبقى ذات ضرس ولا ذات ظلف..» الحديث [رواه أبو داود في سننه].

وجاء في حديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها قوله صلى الله عليه وسلم: «كيف بكم إذا ابتليتم بعبدٍ قد سخرت له أنهار الأرض وثمارها، فمن تبعه أطعمه وأكفره ومن عصاه حرمه ومنعه..» الحديث بطوله [رواه الطبراني].

لا نبيع الدين بالخبز

«ثم يأتي القوم فيدعوهم، فَيرُدون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم!..».

من هؤلاء الذين يَرُدّون على الدجال قوله؟ إنهم الذين يأكلون ليعيشوا، نعم.. ليعيشوا عبيداً لله عز وجل، فالطاعة والعبادة أولاً قبل الطعام والشراب والشهوات، لأن الله سبحانه خلقنا لذلك: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ# مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ# إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:56-58].

نعم، العبادة أولاً، ثم الطعام والشراب يكون للتقوي على الطاعة والعبادة، لأن غذاء الروح أولى من غذاء الجسد، وغذاء الروح هو الإمتثال لأوامر الله عز وجل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام ولما أراد الصحابة أن يفعلوا مثله نهاهم، وقال صلى الله عليه وسلم: «إني لست مثلكم، إني أطعم وأُسقى» [رواه البخاري].

يريدون أن يواصلوا الصيام لأن الصيام يعطيهم طاقة وحيوية، ويشعرون أنهم أقرب إلى عالم الملائكة، الملائكة الذين ليس لهم إلا التسبيح والتحميد والذِكر، فلا طعام ولا شراب ولا شهوات

الصحابة رضي الله عنهم في صدر الإسلام يريدون أن يواصلوا الصيام، والذين قال عنهم صلى الله عليه وسلم: « والله خليفتي على كل مسلم»، يَرُدّون على أعظم دجال قوله، لأنهم لا يبيعون دينهم برغيف خبز، أو بذهب برّاق، لا ولا حتى بما طلعت عليه الشمس، لأنهم يأكلون ليعيشوا، فإذا كان هذا الطعام قد جاء من خبيث، وكان ثمن هذا الطعام الكفر «فمن تبعه أطعمه وأكفره»، فلا والله لا يقبل، لأنه سيكون أسوأ من لحم الخنزير ومن الميتة التي يأكلها المضطر «والله خليفتي على كل مسلم»، ونِعْمَ بالله الذي لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً.

وهنا كما أن الدجال عنده قدرات سخرها للشر وأخلد إلى الأرض واتَّبع هواه، فإن الله عز وجل أعطى المؤمنين المسلمين كرامات وأجرى عليهم أحوالاً غير عادية، فيكون طعام المؤمنين الذين يَرُدّون عليه قوله، التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، يجري عليهم مجرى الطعام والشراب.

عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جَهداً يكون بين يدي الدجال، فقالوا: أي المال خير يومئذ؟ قال: «غلام شديد يسقي أهله الماء، وأما الطعام فَليس». قالوا: فما طعام المؤمنين يومئذ؟ قال: «التسبيح والتكبير والتهليل» الحديث [رواه أحمد وأبو يعلى].

إن الفتية الذين آووا إلى الكهف في الزمن الأول، لم يحتاجوا إلى الطعام والشراب لأكثر من ثلاثمائة عام، ولقد وجد زكريا عليه السلام الطعام عند مريم في المحراب دون الأسباب والمسببات، وهو على غير المألوف، وهنالك دعا زكريا ربه أن يرزقه ولداً، وهؤلاء يَرُدّون على الدجال قوله، فتسمو أجسادهم كما سمت أرواحهم، فيجري عليهم الذِكرُ مجرى الطعام والشراب.

الله ليس بشرا ًو ليس كمثله شيئاً

قال صلى الله عليه وسلم مخبراً عن الدجال: «.. فإنه يبدأ فيقول أنا نبي، ولا نبي بعدي، ثم يثني حتى يقول أنا ربكم، وإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا، وإنه مكتوب بين عينيه (كافر) يقرأه كل مؤمن، فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه، وليقرأ فواتح سورة أصحاب الكهف، وإنه يُسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها وإنه لا يعدو ذلك وإنه لا يُسلط على نفس غيرها..» الحديث بطوله [أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم].

صدقت يا سيدي يا رسول الله، نعم.. فليتفل في وجهه، هذا هو الرد على من يزعم أنه الله، ثم يمشي في الأسواق، ويأكل ويشرب ويبول، هذا أبلغ الرد، التفل في وجهه ليعلم المشاهد لذلك أن هذا ليس الله، لأن الله عز وجل ليس بشراً وليس كمثله شيء، وهو تبارك وتعالى على العرش فوق السماء، لا نراه ولن نراه إلا بعد الموت يوم القيامة.

عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أكل الطعام ومشى في الأسواق» يعني الدجال [رواه أحمد والطبراني].

وهذا نبي الله موسى عليه السلام يطلب من ربه أن ينظر إليـه: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَـالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَـاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}[الأعراف:143].

أخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي وغيرهم من طرق عن أنس بن مالك رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا)، قال: هكذا وأشار بأصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر - وفي لفظ - على المفصل الأعلى من الخنصر فساخ الجبل».

هل أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأ هذا الرجل

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف:175].

وقد تلا علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأ هذا الرجل، وحذرنا منه حتى قال صلى الله عليه وسلم: «إني حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا» [رواه أبو داود].

بلى يا سيدي يا رسول الله، كيف لا نعقل وقد أظلنا زمان هذا الكذاب الدجال، ونحن في السنين الخداعة التي يكذب فيها الصادق ويصدَّق فيها الكاذب، ويخوَّن فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن.

أخرج أحمد عن ثعلبة عن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة له: «أما بعد، فإن رجالاً يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض وإنهم كذبوا، ولكنها آيات من آيات الله عز وجل، يختبر بها عباده فينظر من يحدث له منهم توبة، وإني - والله - قد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقوه من أمر دنياكم وآخرتكم، وإنه - والله - لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى - لشيخ يومئذ من الأنصار - وأنه متى يخرج - أو قال: متى ما يخرج فإنه يزعم أنه الله، فمن آمن به وصدقه واتبعه لم ينفعه صالح من عمله سلف، ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله سلف، وأنه سوف يظهر - أو قال: يظهر - على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس - وأنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس فيزلزلون زلزالاً شديداً ثم يهلكه الله تبارك وتعالى، حتى أن جذم الحائط أو قال: أصل الحائط، أو أصل الشجرة لينادي أو قال يقول - يا مؤمن - أو قال: يا مسلم هذا يهودي - أو قال: هذا كافر - تعال فاقتله! قال: ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أموراً يتفاقم شأنها في أنفسكم، وتسألون بينكم: هل كان نبيكم ذكر لكم من هذا ذكراً؟ وحتى تزول جبال عن مراتبها، قال: ثم على أثر ذلك القبض» [رواه أحمد والبزار].

وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه فإن الرجل يأتيه فيحسب أنه مؤمن فما يزال يتبعه مما يرى من الشبهات» [رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل الدجال في هذه السبخة بمر قناة فيكون أكثر من يخرج إليه النساء حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته فيوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إليه..» الحديث [رواه أحمد والطبراني في الأوسط].

وجاء من حديث سمرة بن جندب وعبد الله بن مغفل رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى» [رواه الطبراني].

وعن أبي بكرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل المدينة رعب المسيح، لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان» [رواه البخاري].

وعن محجن بن الأدرع رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: « يوم الخلاص وما يوم الخلاص - ثلاث مرات» فقيل يا رسول الله، ما يوم الخلاص؟ فقال: « يجيء الدجال فيصعد أحداً فيطلع فينظر إلى المدينة فيقول لأصحابه ألا ترون إلى هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد (عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، كان مسجده من سعف النخيل ولم يخطر ببال الصحابة رضي الله عنهم أن يكون المسجد النبـــوي الشريف بهذه الهيئة التي نراها الآن) ، ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب من نقابها ملكاً مصلتاً فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فتخلص المدينة وذلك يوم الخلاص» [رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه]..

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « بينما أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر ينطف - أو يهراق - رأسه ماء قلت: من هذا؟ قالوا: ابن مريم. ثم ذهبت ألتفت فإذا رجل جسيم أحمر جعد الرأس أعور العين كأن عينه عنبة طافية قالوا هذا الدجال أقرب الناس به شبهاً ابن قطن رجل من خزاعة» [رواه البخاري].

إذن فالدجال في مكة! نعم ولكن في الرؤيا: وهو لا يستطيع دخول مكة عند خروجه وهو يزعم أنه الله، ولربما أن له تجربة سابقة مع جيش أبرهة الأشرم، أيها الكذاب الأعور الدجال اخسأ فلن تعدو قدرك، لقد اختلط عليك الأمر، إنا لن نرضى بغير الله رباً وبغير محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

خلقُ الله وصُنع الله أعظم من صُنع الإنسان

{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف:8].

إن الظلام يمكن أن يُبَدَّدَ بشمعة، ولكن الشمس لا تطفئها الأفواه، ونور الله أقوى من ضوء الشمس، لقد جادل الذي آتاه الله الملك إبراهيم عليه السلام في ربه:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَـالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَـالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَـوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258]. طلب منه إبراهيم عليه السلام أن يفعل عكس ما يفعله الله عز وجل حتى لا يكون في الأمر خدعة

والدجال يأمر الشمس أمام الناس أن تقف في كبد السماء فيجعل يوماً من أيامه كسنة ويوماً كشهر ويوماً كجمعة، فهل هذه خدعة؟!!

نقول: إن الظلام يمكن أن يُبَدَّدَ بشمعة فيمكن أن تُضيء مغارة أو حجرة لمدة سنة كاملة وأكثر، ولكن كيف لك أن تُظلم مغارة أو حجرة في وضح النهار وليس لها سقف، وإن الدجال الكذاب قد أعطي آيات وسخرت له أنظمة، ولكن هذا كله على الأرض وهو لا يستطيع أن يُظلم الأرض لمدة سنة أو شهر أو جمعة.

وإننا أهل هذا الزمان قد رأينا أشياء لم تكن لتخطر على بال أهل الأزمنة السابقة، وذلك بسبب هذه العلوم التي علمها الله عز وجل للناس، وإن الدجال قد أعطاه الله علوماً أكثر مما هو عند الناس، ونحن لا نستغرب أن يكون الدجال قد وضع شيئاً ما خارج الغلاف الجوي للأرض، يعكس ضوء الشمس فيظن الناس أن الشمس لا تغيب. وأن يكون للدجال مركب سرعته هائلة جداً، وأن يُنزل المطر ويُنبت الزرع، وأن يُخرج كنوز الأرض، وأن يشق رجلاً نصفين ثم يعيده..

لقد وصف أحد علماء الفلك الأوروبيين الأرض نسبة إلى ما يراه في السماء من نجوم وكواكب وأجرام سماوية فقال: إن نسبة الأرض لما يظهر أمامي على التلسكوب هي عبارة عن مكتبة فيها نصف مليون مجلد أخذنا من هذه المجلدات مجلداً وأخذنا من المجلد صفحة، ومن الصفحة سطراً، ومن السطر كلمة، ومن الكلمة حرفاً، ومن الحرف نقطة، فالأرض إلى ما يظهر على التلسكوب نقطة إلى حرف إلى كلمة إلى سطر إلى صفحة إلى مجلد إلى نصف مليون مجلد ( نقلا عن العلامة الشيخ محمد متولي الشعراوي يرحمه الله.).

هذا الكون العظيم، الله العظيم هو المتصرف فيه:{فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ # وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة:75-76].

أما الدجال فإن صفاته في اسمه (دجال).

صاحب أعظم فتنة في تاريخ البشرية

لقد ذُكر الدجال في القرآن في أكثر من موضع، ولكن ليس باسمه وذلك تحقيراً له، لأنه يزعم أنه الله!، ولكن الله عز وجل ذكر فرعون باسمه وقد قال فرعون أنا ربكم الأعلى؟

نعم ذُكر فرعون باسمه لأنه كان واضحَ النقص في قدراته وفي ادعائه عندما قال أنا ربكم الأعلى، فهو يطلب معونة السحرة لمواجهة موسى عليه السلام ويعدهم أنهم سيكونون من المقربين له إن كانوا هم الغالبين، وهو يطلب معونة هامان ليبني له صرحاً كي يصعد ويطَّلع إلى إله موسى عليه السلام.

وأيضاً هو لم يجد ما يدل به على أنه صاحب شأن وملك إلا هذه المقارنة: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف:51].
فاستخف قومه فأطاعوه، استخف بعقولهم، لأن مثل هذا الضعيف المحتاج لنصرة غيره، لا يليق به أن يكون إلهاً، وفرعون قد بان أمره، وغرق ولحقه الخزي في الدنيا وكان لمن خلفه آية.

أما الدجال فإن القدرات التي عنده قد تفتن بعض المؤمنين، عدا عن الكفار، وأمره لم ينته بعد، وإنه سيخرج ويزعم أنه الله، ويحصد أكبر عدد من أولاد آدم ليكونوا معه، ومع شريكه إبليس في نار جهنم وبئس المصير: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسْفَلِينَ} [فصلت:29]. إذن فأهل النار يسألون الله عز وجل أن يريهم اللذين كانا السبب في دخولهم النار، ليجعلوهما تحت أقدامهم ليكونا من الأسفلين. من هما هذان ؟

قال المفسرون - رحمهم الله -: الأول إبليس من الجن وهذا صحيح. والثاني قابيل بن آدم من الإنس، وهذا لا يستقيم، فقابيل عنده جريمة واحدة فعلها وأصبح من النادمين ألا وهي القتل: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ# فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:30-31].

وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قابيل فقال: « ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل »[متفق عليه].

فهل يُعقل أن يُوضع إبليس- الذي أغوى وأضل الكثير من الخلق- في كفة، ويوضع في الكفة الأخرى قابيل ابن آدم، في حين يترك المسيح الدجال صاحب أعظم فتنة في تاريخ البشرية منذ آدم إلى قيام الساعة؟.

شريك إبليس من الإنس ليس قابيل، إنه المسيح الدجال، الذي عاش على هذه الأرض آلاف السنين، ثم هو الآن سيخرج لتلاقيه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الأمة التي فيها: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23].

رجال في قلوبهم لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا يغيرونها ولا يبدلونها وفقاً لما تقتضيه الأحوال المحيطة بهم، لا إله إلا الله الذي يقول: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}، لا إله إلا الله العظيم الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى، لا إله إلا الله الذي ليس كمثله شيء، الله الذي لا يأكل ولا يشرب، الله الذي ليس بأعور، الله الذي لا نراه بهذه الأعين التي لا تستطيع أن تُحيط ببعض مخلوقات الله عز وجل، لا إله إلا الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

لا إله إلا الله المتعالي المتكبر، الذي لا يمشي في الأسواق، لا إله إلا الله الحي الذي لا يموت ولا يستطيع العباد أن ينفعوه أو يضروه، لا إله إلا الله الذي جنته وناره هما الجزاء في الآخرة بعد الموت وليس في الحياة الدنيا، لا إله إلا الله الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، لا إله إلا الله الذي ينزل الغيث من السماء ويطعم المؤمن والكافر.

نحن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: «والله خليفتي على كل مسلم».

يا سيدي يا رسول الله، رضينا بالله وكيلاً، رضينا بالله هادياً ومعيناً، رضينا بالله حصناً وسنداً، جزاك الله عنا خيراً، يا سيدي يا رسول الله، يا من حاربت الدجل والدجالين، وهديت إلى صراط مستقيم، وتركت الأمة يوم تركتها وهي على المحجة البيضاء، والطريق الواضح، لا يزيغ عنها إلا كل هالك ضال، عبد للدجال وأعوانه. ها قد أطل الدجال برأسه الذي لا يحوي إلا الشر، وبعينه التي لا ترى الناس إلا عبيداً له، خاب وخسئ، لن يعدو قدره إنه أهون على الله من ذلك.

يا سيدي يا رسول الله، ها هو مسجدك اليوم قصرٌ أبيضُ يتلألأ (ويبدو المسجد النبوي الآن وبعد الجهود الكبيرة التي بذلت في توسعته وإعماره، يبدو كأنه قصرٌ أبيض.).

وها هي مدينتك لها سبعة أبواب(الذي يحصي الآن عدد المداخل الرئيسية إلى المدينة المنورة يجدها سبعة.) وها نحن على الكلمة الطيبة: لا إله إلا الله: العظيمة في قلوبنا، الجميلة في عيوننا، الرطبة في ألسنتنا، القوية العالية في حناجرنا ولو كره الكافرون. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آل بيته الطيبين وسلَّم تسليماً كثيراً.
abuiyad