" رأس الحكمة ؛ مخافة الله "

اهلا بكم بالحكمه .... الحكمه تأديب للمعرفه و معنى العدل والحق والاستقامه وتعطي الجاهل ذكاء وتعطي العالم تواضع وتعطي التقي رفعه وسمو ولا يسمع الحكمه عالم الا ازداد علما والزاهد ازداد زهد وهي رسالة الاباء للابناء

من مواضيع الحكمه

لوحة الشمعدان


مكان النقش:

النقش الآن موجود في دولة الإمارات العربية المتحدة، ، وقد أتيح لي الاطلاع عليه هناك، وحصلت على صورة فوتوغرافية له، وهو ينتمي بالتأكيد إلى حضارة الشرق العربي القديم، فهو يصور الشمعدان اليهودي المقدّس المعروف، وكتبت عليه كتابات بالخط العبري المربّع الذي استعاره العبرانيون من الخط الآرامي المربّع.
مادّة النقش:
عُمِلَ النقش على حجر بازلتي أسود صلب جدّاً، وقد اعتنى الناقش فيه بالرّسم عناية فائقة، فجاءت صورة الشمعدان صورة واضحة جداً، بكأس الشمعدان، أو فروعه أو تاجه الذي يحمل الشمعة الرئيسية، وقد قام بصنع نقشه بطريقة النفر (الشكل النافر)، وجاء رسمه وكتابته واضحين تماماً، غير أن الناقش لم يظهر صورة الشمعدان مضاءة، فكأنه قصد إلى انطفاء الضوء وذهاب السلطان
موجودات النقش:
رسم الناقش على نقشه صورة دقيقة للشمعدان اليهودي السباعي المعروف، وقد رسمه بالطريقة التي ما زال اليهود يتّبعونها في رسمهم شمعدانهم المقدّس، وفيما يلي رسم تفريغي للشمعدان كما هو في اللوحة:



الشكل (1): الشمعدان في لوحة نقش الشمعدان

ويبدو من النقش أن الحاملين الطرفيين يحملان أكبر عدد من العقد، فبلغ مجموع كل ذراع سبع عقد، وعددها الكلي أربع عشرة عقدة، عدا عن عقدة الالتقاء بينهما، وأما الفرعان المتوسطان، فقد حمل كلُّ واحدٍ منهما خمس عقد، زيادة على عقد الالتقاء، ومّا الفرعان الداخليان، فقد حمل كل واحدٍ منهما أربع عقد، مع عقدة الالتقاء، فيكون عدد العقد خمساً وثلاثين عقدة.

الكتابات المنقوشة عليه:

كتب على يمين النقش العبارة التالية (tsy/w) وهي حروف التاء والشين والياء، وأما على يساره فقد كتب حرف الشين( ) مكبَّراً، ثمَّ كتب تحته حرف الشين نفسه مصغّراً ثلاث مرات، على هذه الصورة:



قراءة النقش:

من العسير قراءة النقش وتأويل معناه، فالذي كتبه يقصد دلالة محددة، وهذه الدلالة رمزية، ونحن لا نجد أيّ معنى لكلمة (tsy/w) هذه التي لا نجد لها دلالة في المعاجم العبرية القديمة أو الحديثة إلا على تأويل تمكنا من رصده بعد جهد، ويتمثل هذا التأويل في أن حلقات الشمعدان والحروف المقطّعة تمثّل توضيحاً وإكمالاً للكلمة (tsy/w)، إذ يشكل كل جزء من الشمعدان حرف الشين أيضاً، وذلك على شكل أنصاف الحلقات، على النحو الآتي:



الحلقة العليا الحلقة الوسطى الحلقة السفلى

الشكل (2): كلمة النقش مع الشين المأخوذة من شكل الشمعدان

وكلّ حلقة منها تشكل حرف الشين( ( وتتسع هذه الحلقات كلما اتجهنا من الأعلى إلى الأسفل، كما نرى.

وعلى هذه يتشكّل لدينا ثلاث كلمات، الجزء الأوّل منها تمثِّله كلمة (tsy/tsw)، والجزء الثاني هو الحرف الذي تمثله حلقة الشمعدان (الشين)، على النحو الآتي:



الكلمة الأولى الكلمة الثانية الكلمة الثالثة

والذي يؤيد هذا هو وجود حرف الشين مكرراً أربع مرات علي يسار الناظر إلى النقش، فيكون مع الجزء الأول في الجهة اليمنى مشكِّلاً لأربع كلمات، وهي كلمة واحدة مكررة أربع مرات، وهي كلمة (tassis) أو (tassus) إذ يصلح الحرف ( ) للتعبير عن الواو والياء المدّيتين، حسب النظام الكتابي للغة العبرية وبخاصة في النقوش المرقومة على الحجر، وعلى هذا يمكن القول إن الكلمة (tassis) أو (tassus) قد تكررت في النقش سبع مرات، منها ثلاث مرات مع شين الشمعدان، وأربع مع الشينات العبرية التي نقشاها إلى يسار الناظر إلى النقش.

معنى الكلمة:

لا بد من أنَّ الناقش أراد أن يقول شيئاً من رسمه للشمعدان وكتابة هذه الكلمة العبرية عليه بهذه الصورة، وهو أمرٌ يحتاج إلى تدبُّرٍ وتأمُّل، فالكلمة يمكن قراءتها قراءة عادية كما ذكرنا، فتعطينا كلمة (tassis) معنى "سواء بالياء أو الواو" وهو: واهن أو ضعيف، أو ضئيل، أو عاجز أو مقعد بسبب الشيخوخة.

كما يمكن أن نقرأها من الجهة المعاكسة، فنقرأها عند ذلك مع المكوِّنات الأخرى (حلقات الشمعدان وحروف الشين في الجهة المعاكسة) بصورة (>ss) أي أساسات أو قواعد.

ومن هنا فإنَّنا نرى أنّ معنى هذا النقش، لا يمكن الكشف عنه بسهولة، إذ تبدو الكلمة غير ذات معنى إلا بعد ربطها بالنقش وتداخلها معه، ولعل المعنى الأولي الذي يمكن استخلاصه منه يتعلّق بضعف الشمعدان التدريجي، إذ يبدو الضعف قليلاً إذا ربطنا كلمة (tsy/w) مع الحلقة العليا من الشمعدان وهي أصغر الحلقات، مما يوحي بأن الضعف سيبدأ من المكانات العليا، وإن كان يبدو ضعيفاً، ثمَّ يتسع الضعف مع الحلقة الوسطى، وبعدها يأخذ أوضح صوره وأشدّها اتّساعاً في الحلقة الدنيا، كما في الشكل (2)

دلالات الشمعدان الرمزية:

يظهر الشكل التالي رمز الشمعدان في أقدم صوره:



الشكل (3) تفريغ لصورة الشمعدان القديم

أجزاء الشمعدان (candelabra) الحاملة لشموع الإنارة لم تكن معروفة منذ القدم، وكان المعتقد في (التوراة) أنّه ينبغي أن يصنع من الذهب، وكذلك فروعه الحاملة للشمع، يجب أن تكون مصنوعة من الذهب الخالص، (أو من مادّة واحدة)، وتخرج منه ستة أفرع كلُّ ثلاثة منها متقابلة تتفرّع من جهة من جهاته (زيادة على الفرع الأوسط الذي يشكّل الحامل السابع) على أن تكون حاملات الشموع على شكل حبة لوز، ويزين كلُّ فرع من حاملات الشموع بزرّ تزييني فيه زهرة تجمِّله)([1]).

وجاء أمر الشمعدان في الكتاب المقدّس في أقدم نصوصه تحت اسم (المنارة)، فقد ورد فيه: "وتصنع منارة مطروقة من الذهب الخالص هي وقاعدتها وساقها وتكون كأساتها بما في ذلك عقدها وأوراقها قطعة واحدة منها. ويتفرع من جانبي المنارة ست شعب ثلاث من جانبها الأول وثلاث من جانبها الآخر، ويكون لكل شعبة من الشعب الست ثلاث كأسات على شكل زهرة اللوز بعقدها وأوراقها. وفي عمود المنارة ذاتها أربع كأسات على شكل اللوز بعقدتها وأوراقها وعقدة تحت كل شعبتين من الشعب الست المتفرعة من عمود المنارة. وتكون العقد والشعب كلها قطعة واحدة مطروقة من ذهب خالص"([2]).

ويمتاز هذا الشمعدان بسمة الشكل النباتي، (الأغصان والكؤوس والساق والأزهار التزينية)، وفي الحضارة البابلية كان شكله يوحي بأنه شجرة للعالم، فقد دلـت فروعه السبعة على الكواكب السبعة، وقد كان الشمعدان موجوداً في معبد القدس، ثمّ سُرِق بعد الغزو الروماني، كما صُوِّرَ في قوس تيطس (Titus) في الساحة الرومانية (Roman Forum).

وقد استعمل الشمعدان في فنون العصور الوسطى رمزاً لليهودية، فهو شجرة ضوء بكامل إشعاعها، يشع نحو الله، ولذا فقد رسم متّجهاً نحو السماء، وفي زمن المكابيين استمرّ يعطي ضوءه مدّة ثمانية أيام، بالرغم من أنّه زُوِّدَ بكمية قليلة من الوقود([3]).

ومن الممكن أن نحمل هذا الشكل على رمز قارّة (Atlantis) الذي كان يرمز إلى الفردوس بمباركة الطبيعة، ويحكمها ملوك حكماء، إلى أن تمرّد سكانها على الآلهة، مما حدا بالآلهة إلى القضاء عليها([4]).

وقد تخلّص اليهود من الجزء العلوي من هذا الرمز، من أجل إلغاء شكل الصليب من رمزهم الديني. إذ يشكّل الصليب والشمعدان رمزاً لعاصمة أتلانتس وهي باسيليا (Basileia).

وفيما يلي رمز (Atlantis) هذا، وهو رمز مزدوج مقلوب، يشكِّل الصليب مع الشمعدان اليهودي:


[1] ) Biedermann, H., Dictionary of Symbolism, P. 57.


[2] ) سفر الخروج 25/31-36.


[3] ) Biedermann, H., P. 57.


[4] ) Ibid, P. 22.



الشكل (4): الشمعدان والصليب في رمز أتلانتس

وهذا معنى أولي، وبحاجة إلى مزيد من الوقت والجهد والتأويل لمثل هذا الرمز الذي يبدو ظاهره بسيطاً، وإن كان في منتهى التعقيد.



كتبه: الأستاذ الدكتور يحيى عبابنة

yahya.ababnih@yahoo.com

تقرير المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية

وزارة البحث والتربية الوطنية الفرنسية
المعهد العلمي الفرنسي للأثار الشرقية

MINISTÈRE DE L'ÉDUCATION NATIONALE, DE L'ENSEIGNEMENT SUPÉRIEUR ET DE LA RECHERCHE

Institut français d’archéologie orientale





معمل التأريخ بالكربون المشع

تقرير النتائج

IFAO 60

۱٤۲۱ القاهرة - جمهورية مصر العربية - ۳۷ شارع الشيخ علي يوسف ، صندوق بريد القصر العيني ۱۱٥٦۲
تليفون: ۲۰۲۷۹۷۱٦۱٥ فاكس: ۲۰۲۷۹٤٤٦۳٥
c14@ifao.egnet.net mmahran@ifao.egnet.net، : البريد الآلكتروني
http://www.ifao.egnet.net، : الموقع الآلكتروني
abuiyad